السلام مهمة الجميع

يبقى موضوع السلام من أهم المواضيع التي تشغل العالم دولاً، وحكومات، وشعوباً، كما أهتمت به الكثير من الهيئات والمنظمات الدولية وهذا مادعى الهيئة العامة للامم المتحدة في عام 1981 للإعلان عن إعتبار يوم الحادي والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام هو يوم للسلام العالمي، وذلك لدفع الجهود الدولية لإحلال السلام ووقف الحروب وإجراء المفاوضات وإحلال التراضي بين الأطراف المتنازعة، الا أنه للأسف الشديد وحتى يومنا هذا لم يتحقق السلام لبعض سكان العالم، ولم تنعم حياتهم بالاستقرار ولم يتمكنوا من مواصلة جهود التنمية أو بالأحرى عجزوا عن المشاركة بها، لقد فقدوا الكثير من قدراتهم ومن خيرات وموارد دولهم بسبب الحروب والنزاعات.

ومازالت الخسائر مستمرة ولم يتمكن الكثير ممن أرادو السلام أن ينعموا بتحقيقه، وما ذلك إلا لأن الجميع لم يدرك إن السلام مسؤولية الجميع، كما على الجميع أن يدرك إن للسلام منظومة متكاملة أولها الالتزام بالعمل المبني على القيم والأخلاق، ثم ما يتبع ذلك من سعة الأفق والتفاهم المشترك من أجل العيش المشترك ونبذ الخلافات والصراعات وعدم السعي إلى تأجيجها وتعقيد الأمور والعمل على نبذ الكراهية فالانسان لم يخلق للقتل والابادة ولا يمكن إهمال الدور الذي يحتله السلام من إذكاء وإشاعة الرحمة والتسامح والمحبة بين الناس.

كما يجب على الجميع أن يدرك إن الاستثمار في السلام كالاستثمار في الموارد الاقتصادية، وعلى الجميع ان يتفق على هذا الاتجاه، فالسلام يحتاج إلى جهود كبيرة فردية ومجتمعية، ويحتاج إلى قرارات تنبع من تغليب المصلحة العليا على المصلحة الصغرى، فكما تجلب الأموال أموالاً فأن السلام يجلب سلاماً .

وما أدهشني ونحن في عام 2020 ، وبعد كل النماذج التي عاشها العالم جراء الحروب والنزاعات والخلافات لم يصل بعد إلى فهم قيمة السلام ومبادئه وآليات عمله ونتائج استثماره،  بالسلام تتحقق التنمية للجميع ويحظى الأطفال بالتعليم ويحظى الناس بالرعاية الصحية والإجتماعية ،وذلك لإن الموارد ستتوجه إلى هدف البناء، هدف يسمح للجميع بالعيش الكريم.

نحتاج من جميع الحكومات والدول التي تعيش في ظروف تفتقر إلى السلام والاستقرار أن تتناسى خلافاتها وتنبذ نزاعاتها وأن تبدأ بغرس بذور السلام لتتمكن في الوقت المناسب من جني الثمار، وحينها سيكون كل إنسان قادر على ان يحظى بفرصة الحياة الكريمة، لأن الحياة الطبيعية يستحقها الجميع، فهي قصيرة وستمضي بسرعة، ولذا يلزم من الجميع تحمل المسؤولية والقيام  بدورهم لتشكيل الظروف التي تساعدهم على أن يكونوا قادرين على تقبل بعضهم البعض وعلى التعايش مع بعضهم وتجاهل الخلاف وتقليل التوتر وشحذ الهمم من أجل السلام بدل شحذها في سبيل الحروب والخلافات والخسائر المتتالية التي تشكل فاقداً كبيراً لعوامل نجاحهم ومسبباً كبيراً لفشلهم وعجزهم.

أناشد الجميع في هذا اليوم وفي كل يوم إلى الاهتمام بالسلام، وبذل الجهد من أجله، فبالسلام  سيحيى الجميع بخير ونماء ورفاه ...

فاطمة بنت مبارك